يأتي هذا البحث ليبين - بقدر الطاقة البشرية - ما تضمنه نداء مريم فـي الـقـرآن الـكـريـم مـن دقائق التعبير القرآني، ولطائفه وهداياته. وقد ورد نداؤها في ثمانية مواضع، فقد ناداها : الله زكريا عليه السلام، وناداها جبريل عليه السلام - على الراجح من الأقوال-، ونادت نفسها، وناداها ولدها عيسى عليه السلام، وناداها قومها. وقد تضمنت تلكم الـنـداءات في كل موضع كـثـيـرا مـن الـدقـائـق والـلـطـائـف والـهـدايـات، التي تدل على فضل مريم رضي الله عنها، وتعظيمها، وتبجيلها، كما أبانت عن المنزلة السامية والمكانة العالية التي بوأها الله تعالى إياها؛ فهي العابدة الصالحة التقية، التي اختصها الله تعالى بمزيد من الفضل والإكرام، فاصطفاها على نساء عصرها في الصلاح والتقى، وطهرها من كل ما ينقص الأخلاق أو الـديـن، واصطفاها على نساء الدنيا إلى يوم القيامة؛ لإنجابها نبي الله عيسى - عليه السلام- من غير أب، إلى آخر ما تضمنته تلك النداءات من الدقائق واللطائف.